بيان النائب عباس البياتي عن جزيرة الخالدية في جلسة اليوم
بسم الله الرحمن الرحيم
( ولا تهنوا في ابتغاء القوم ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما )
السيد رئيس المجلس
السيد نائب الرئيس
السيدات والسادة النواب – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معركة جزيرة الخالدية انتصار استراتيجي و صور من البطولة والتضحية
ان الانتصار الكبير في معركة جزيرة الخالدية لاتقل اهمية استراتيجية عن معركة الفلوجة وبيجي والكيارة ان لم تكن تتفوق عليها, وتؤكد ذلك ضراوة المعركة وشراسة القتال والتي استمرت على مدى 25 يوماً على مساحة محدودة لا تتجاوز سوى بضعة كيلومترات اذ حشد فيها تنظيم داعش الارهابي قوة قتالية من افضل ما لديه وذلك لاهمية هذه الجزيرة والمعركة فيها وعليها وقد قدر عدد مرتزقته فيها اكثر من 1500 مقاتلاً غالبيتهم وبنسبة تزيد عن 80% من جنسيات اجنبية وعربية مختلفة بالاضافة الى قوة التحصينات والمنشاءات التي كانت تفوق التصور من قاعات اجتماع وغرف نوم ومكاتب ومضايف وانفاق وممرات تحت الارض ومولدات كهربائية ومراكز اتصالات ودائرة تلفزيونية ناهيك عن الخزين الاستراتيجي من الذخائر والاسلحة المتوسطة والثقيلة كالدبابات وغيرها, مما يكشف ان المنطقة كانت مجهزة كمقر ثابت لقيادة العمليات العسكرية والاعمال الارهابية قبل ظهور داعش وبعده وان طبيعة تلك التجهيزات والتحصينات تدلل ان الجزيرة تحولت منذ وقت مبكر من سقوط النظام الى قاعدة سرية للإرهابيين .
وفي معركة جزيرة الخالدية برزت بطولات رائعة وصور عن الاستبسال والثبات ونماذج من المقاتلين الاشداء تعجز الكلمات المرتجفة والعبارات المشلولة عن الاحاطة بها و وصفها بالشكل المناسب واللائق اذ كنا نسمع ونقرأ عنها في بطون التاريخ ونتصور انها غير قابلة للتكرار ولكن اليوم في جزيرة الخالدية وفي غيرها من جبهات الحق ضد الباطل تكررت صور البطولة والايثار والتضحية وبشكل فاقت النماذج التاريخية , وهنا اورد لمسامعكم الكريمة هاتين الصورتين عن اثنين من الشهداء من ابناء هذا الشعب السخي والشجاع والذي ينبغي ان نقف اجلالاً واكبارا لتضحياتهم.
الصورة الاولى : عن الشهيد صهيب ابن البصرة الفيحاء الذي استشهد في معركة جزيرة الخالدية مع ثلة من شهداء البصرة من المدينة والمركز وابي الخصيب.
لقد اعدم نظام البعث الجائر والدته الشهيدة (وفاء محمد بداي سالم) عام 1980 وكان عمره اشهر معدودة فلم يتعرف عليها ولم يشم رائحة الام الذي انتزع من صدرها ولم تتداعب اصابعها شعره الناعم وبقيت غرفة الاعدام تردد اصداء صوتها المتقطع المبحوح من شدة عقدة الحبل وهي تنادي ولدي ولدي صهيب وكانت اخر امنياتها ان تكحل نواظرها برؤية وليدها.
وهكذا حرم من امه وهو طفل يحبو , وكما اعدم النظام وفي يوم واحد ومن عائلة واحدة الى جانب امه خالته واثنين من خواله مع جده الشخصية البصرية القيادية المعروفة الداعية المفكر الشهيد (محمد بداي سالم ).
هذا الشهيد (صهيب) مع اخته مرام وصلا الى سوريا في نهاية التسعينات واخرجتهم الامم المتحدة الى كندا لاجئين سياسيين ولكنه واستجابة لفتوى المرجعية ترك كندا وترفها واستقرارها ونعيمها وتطوع في الحشد الشعبي ونال شرف الشهادة في جزيرة الخالدية مع ثلة طيبة وطاهرة من ابناء مدينة الشهادة والوفاء بصرة الخير والعطاء وهكذا توالت ثلاثة اجيال من عائلة واحدة وارتقت سلم الشهادة فسلام عليه وعلى امه الشهيدة وجده الشهيد في الخالدين.
الصورة الثانية : الشهيد المقاتل (عباس عبد الجبار مسلم ) الذي استشهد في جزيرة الخالدية وبعد اخلاءه وتدقيق اسمه تبين انه منتسب في الفرقة (11) لواء (43) ف(3) ومجاز من (18 الى 25 آب) ولكنه في اجازته الدورية يقاتل مع فرقة الامام علي عليه السلام القتالية رافضاً الراحة والدعة.
هاتان صورتان من مئات الصور بل الاف الصور في البطولة والتضحية الا يجدر بنا ان ننحني اجلالاً لهم ونكون امناء على الوطن الذي يدافعون عنه وان نكون بمستوى المسؤولية في مواجهة التحديات التي تعصف بنا من كل حدب وصوب بوحدة صفنا وترك الخلافات والتسامي على الصغائر والحرص على استقرار مؤسساتنا الدستورية والتصدي للفساد واستغلال ماتبقى من عمر البرمان في وئام وانسجام في تمرير القوانين التي تخدم الشعب.
تحية لقوات جيشنا المقدام بكل صنوفه ولقوى الامن الداخلي من الشرطة الشجعان وللحشد الشعبي الابطال والبيشمركة البواسل وللعشائر الوطنية الغيورة المقاتلة بإخلاص.
والرحمة والرضوان لشهدائنا والشفاء العاجل للجرحى.