رئيس البرلمان: أزمة النازحين تشهد خروقات لحقوق الانسان وتحولت الى كارثة إنسانية وعلى المجتمع الدولي مساندتنا في ذلك

لمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان …
رئيس البرلمان: أزمة النازحين تشهد خروقات لحقوق الانسان وتحولت الى كارثة إنسانية وعلى المجتمع الدولي مساندتنا في ذلك

اكد رئيس مجلس النواب  الدكتور سليم الجبوري، ان تفاقم أزمة النازحين في العراق ومع استمرار المعارك في نينوى تتطلب جهدا اضافيا لإغاثتهم.
وأضاف سيادته خلال كلمة له بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان ان هذه الازمة شهدت جميع انواع خروقات حقوق الانسان وتحولت الى كارثة إنسانية مع حلول فصل الشتاء .
وأشار رئيس مجلس النواب في هذه المناسبة أيضا إلى أن مشكلة المعتقلين في العراق لا زالت متلكئة وتبحث عن حلولا جذرية، مطالبا  الجهات القضائية والتنفيذية ذات العلاقة الى الاستعجال في تنفيذ قانون العفو العام وتطبيقه.
وتطرق الرئيس الجبوري في كلمته إلى حرية الصحافة قائلا “أن حرية التعبير في العراق لا زالت  تتطلع الى فضاء أرحب وظروف أفضل فما يتعرض له الصحفيون والإعلاميون بين الحين والآخر من تجاوزات لا يمكن القبول به على الإطلاق”.
وفي ما يلي نص كلمة رئيس مجلس النواب…

أيها الشعب العراقي العظيم

أيها الشرفاء المناصرون لحقوق الانسان في كل العالم

يحتفل العالم في العاشر من كانون الاول من كل عام باليوم العالمي لحقوق الانسان وهذا الاحتفاء من وجهة نظري ليست مناسبة لتبادل التهاني مع المنظمة الدولية في وقت محدد يفرضه علينا تقويم المناسبات الدولية ، بل هي حالة اهتمام مستمر ودائم توجب علينا التفاعل المتواصل لترسيخها حقوق الانسان كثقافة مجتمعية ودولية يتمتع بها المزاج العام ويضعها في مقدمة سلم الاولويات في اي اجراء او قرار فردي او جماعي .
فلقد شهدت حالة حقوق الانسان على المستوى العالمي ظروفا صعبة للغاية خلال السنوات الاخيرة في مناطق متعددة وخصوصا الساخنة منها والتي تشهد حروبا ضد الاٍرهاب وفي مقدمتها العراق ، كواحدة من اهم جغرافيات الصراع في العقد الحالي اضافة الى مناطق اخرى كسوريا وليبيا واليمن وغيرها من مناطق العالم التي تضج بالصراعات ، وقد ازدادت هذه الحالة في منطقتنا ترديا في ظل ازدياد ظاهرة السلاح المنفلت ، وتراجع قدرة الدول بشكل عام على مسك زمام المبادرة بسبب تعدد اتجاهات الاحتراب واشكاله غير المسبوقة .

أيها الإخوة والاخوات

ونحن نراقب وضع حقوق الانسان في بلادنا نلاحظ سعيا حثيثا من أطراف عدة كان ولا زال لها الدور الفاعل والمهم في دعمنا على الحفاظ على مكتسبات الديمقراطية وبناء الدولة الذي يقف الانسان في مقدمة أركانه وأسسه وفي مقدمة تلك الجهات ( المنظمة الدولية ) بكل فعاليتها ومؤسساتها والتي حرصت طوال فترة النزاعات على الوقوف مع العراق لمساعدته على الخروج من غيبوبة الاضطراب الى صحوة الاستقرار والتنمية ،
وقد كان لبعض الدول الموقف الواضح لمساعدتنا وكل هذا موضع شكر وتقدير من الشعب العراقي ، ولكنه في ذات الوقت لن يضطرنا للصمت عن اَي اخطاء حصلت أو تحصل بحق المدنيين العراقيين من هذه الجهات ، فالجهات الإرهابية لا يمكن معاتبتها على ما ترتكب بحق المدنيين لان منهجيتها تقوم على العنف ، ولكن كيف يمكن ان نتفهم ارتكاب اخطاء بحق المدنيين أدت الى ازهاق ارواح العديد منهم من جهات تتبنى خطاب حقوق الانسان وترفعه شعارا   .

يا أبناء شعبنا العراقي الصابر المحتسب

لن نتردد في إيضاح وجهة نظرنا حيال حقوق الانسان في العراق لأن هذا المفصل لا يحتمل مطلقا خطابات المُجاملة والثناء المغلف ، فنحن كسلطة رقابية مسؤولون مسؤوليه مباشرة عن ايضاح الخلل وتصحيحه بعيدا عن أهداف التسقيط والتجريح والأغراض السياسية ، وبالتاكيد فنحن لا يمكن لنا بأي حال ان ننسى القسم الذي قطعناه على أنفسنا امام الله والشعب بأن نكون أمناء على الثقة التي اولانا بها شعبنا وعول علينا لحمايته من اي نوع من انواع الضرر الخاص او العام ،
مدركين حجم المسؤولية القانونية والتاريخية ازاء اي تقصير في هذا الملف ، ومن هذا المنطلق اود ان أؤشر سريعا الى تقييمنا العام لحالة حقوق الانسان في العراق على الوجه الذي يعيننا جميعا على الاستدراك والتعاون لتلافي الاخطار والمشاكل ويضع المجتمع الدولي في صورة ما يجري قدر تعلق الامر به لمساعدتنا على ما تعجز عنه قدراتنا في ظل الظرف الطارئ الذي يمر بِنَا، كما ان ما تعرضت له النساء الايزيديات بالخصوص؛ في ظل مواجهة الارهاب سواءا من سبي او قتل او تشريد يؤشر الى اقسى ما تتعرض له النساء في هذا العصر، ولابد من الاشارة ان ما يزيد من ثلاثة ملايين من الارامل وما يقرب من خمسة ملايين من الايتام في العراق كانوا ضحية الحروب والصرعات الطائفية والعنف المسلح.

١- ان حقوق المرأة بكل تفصيلاتها لا تزال بحاجة الى تعزيز في مجالات عدة بعضها اجتماعي والآخر أمني وربما حتى سياسي ، وقد سجل الجهاز الرقابي في مؤسستنا حالات ومحاولات متعددة لتهميش المرأة وقهرها ، اضافة الى المأساة التي تعيشها المرأة في مناطق الصراع وفي مقدمتها التردي الصحي والخدمي والخوف الذي لا ينسجم من قدراتها الخَلقية ، واضطرارها لأصناف من الاعمال الشاقة في ظروف بيئية قاهرة ، ومثل ذلك ما يتعرض له الأطفال  .

٢- لا تزال منظومة دعم ذوي الاحتياجات الخاصة بدائية وغير مواكبة للتطور العالمي في مجالات الخدمات والتعليم والعلاج والاندماج من خلال التوعية الاجتماعية ، ورغم ذلك فقد التقينا بالعشرات من هذه الشريحة الكريمة ووجدنا ان الكثير منهم يعاند الظروف ويتحدى الصعوبات ويقدم الابداع ويصر على التواصل مع المجتمع بكل الطرق والوسائل ، وهي حالة فريدة متجذرة في الشخصية العراقية الابية المبدعة ، ومن هذا المنطلق فلابد من اهتمام إضافي مِن قبل الحكومة بهذه الشريحة ولابد من دعم لبرامج مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة من قبل المنظمات الدولية ، ومجلس النواب يدرس بجدية مشاريع قوانين تدعم هذه المجموعات العزيزة من ابناء شعبنا .

٣- لا يمكن القول بأن الأقليات في العراق قد اكتمل العمل على منحها كامل حقوقها المستحقة لها اصلا ، بل ان الأقليات في العراق ورغم تأكيد الدستور على المحافظة على كل استحقاقاتها الوطنية لا زالت تحتاج الى مزيد من العناية في المجال السياسي فهي تقع في الغالب تحت قهر الأغلبية الغير مقصود ، فقد اكد الدستور على المساواة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءهم وقومياتهم وألوانهم ومشاربهم الفكرية والثقافية والدينية وغيرها ،
ومن هذا الاتجاه فإننا نؤكد على أحقية الأقليات في تعزيز مكانتها واستحصال حقوقها وحماية نوعها ووجودها ، والحد من هجرتها ، ونطالب المجتمع الدولي الوقوف بوجه كل محاولات تجريد العراق من اطيافه وتشكيلاته الاساسية تحت ذريعة حماية الأقليات ، الا بمقدار تأمين الحماية ومنح الخصوصية للأفراد بعيدا عن الإفراغ الممنهج للبلد من ابناءه الأصليين ، ومن هذا الموقع ادعو المجتمع الدولي الى مساعدة العراق في الاستقرار سريعا وأعانته على اعادة ابناءه الى احضانه مستعجلا ، فالعراق بدون تنوعه لا يمكن ان يكون العراق الكبير بتاريخه العتيد في عمق الحضارات .

٤- ومن المهم ان لا تغفل الدولة عن حقوق المتقاعدين الذين خدموا البلد في أعز وأغلى سنوات حياتهم وقدموا له ثمرة أعمارهم وزهرة شبابهم ، والكل يعلم ان الكثير من المتقاعدين قادرين على خدمة المجتمع بما يمتلكه الكثير منهم من كنوز المعرفة والخبرة وتحديدا في المجالات الاستشارية والبحثية والتي لا تتعارض مع إمكانياتهم الجسدية ، ومن هنا ارى ضرورة العناية برواتب المتقاعدين بحيث توفر عيشا كريما لهم يضمن قدرتهم على الحياة براحة واطمئنان وعدم الجائهم الى العمل في الوقت الذي يحتاجون فيه الى الاستقرار النفسي والجسدي ، وانطلاقا من هذا الرأي أدعو لإعادة النظر في العمر التقاعدي خصوصا لمن يرغب بالاستمرار بالعمل لخدمة الدولة ويجد في نفسه الكفاءة والرغبة وتجد المؤسسة كذلك الحاجة له .

٥- ان مشكلة المعتقلين في العراق لا زالت متلكئة وتبحث عن حل فالأعداد الكبيرة التي تقبع في السجون دون ان توجه لهم تهم تجعلنا في دائرة الحرج القانوني من مخالفة الدستور الذي ينص على منع الاحتجاز لمدة طويلة دون حسم ملفات المحتجز ، وحيث ان الكثير من هؤلاء المعتقلين مضى على بقائهم فترات طويلة تحت ذمة التحقيق دون وجه قانوني فلا بد مِن اجراء واضح وصريح وعاجل لتلافي هذا الأشكال ومن هذا الموقع وفي هذه المناسبة ادعو الجهات القضائية والتنفيذية ذات العلاقة الى الاستعجال في تنفيذ قانون العفو العام وتطبيقه ،
وهنا لابد من التفريق بين الصرامة في تحقيق العدالة ضد الإرهابيين والمجرمين وبين الالتزام بالدستور وانصاف المظلومين واعتقد ان المؤسسة القضائية في العراق بما تمتلكه من خبرة وتاريخ كبير قادرة على صناعة التوازن في هذه الجدلية وفك الشبهة فيها والتفريق بين التهاون في إنفاذ العقوبة وبين اخذ الناس بالشبهة والظن والتعميم ، وهنا تجدر الإشارة الى ما نصطلح عليه بـ ( حقوق الضحايا ) من الذين تعرضوا للأذى بسبب الفعل الاجرامي او الإرهابي  والذين لا زلوا ينتظرون إنصافهم من قبل الدولة مثل ضحايا مجزرة سبايكر والبو نمر والإعدامات الجماعية في نينوى وضحايا المقابر الجماعية ، حيث لا زال ذويهم يجهلون مصيرهم من جهة وكذلك لا زالت حقوقهم المادية التي تؤمن العيش لذويهم متلكأة وهو امر بالغ الأهمية والخطورة .

٦- ان تفاقم أزمة النازحين في العراق وخصوصا مع استمرار المعارك في نينوى  تتطلب جهدا اضافيا لإغاثتهم وهذه الازمة شهدت جميع انواع وأصناف خروقات حقوق الانسان الآنفة الذكر وتكاد ان تتحول الى كارثة إنسانية مع حلول فصل الشتاء وقد سجلت اللجان المختصة في مجلس النواب عجزا واضحا في قدرة العراق على أستيعاب أزمة النازحين بسبب الظرف الإقتصادي وهذا يضيف الى المجتمع الدولي التزاما جديدا في دعمنا في هذا الباب مع تأكيدنا على ان الكثير من الدول الصديقة والشقيقة قد أعانت ولا زالت تعين العراق في دعمها للنازحين فلها منا كل الشكر والتقدير .

٧- لازالت حرية التعبير في العراق تتطلع الى فضاء أرحب وظروف أفضل فما يتعرض له الصحفيون والإعلاميون بين الحين والآخر من تجاوزات لا يمكن القبول به على الإطلاق ، فالصحفيون يقدمون حياتهم في المعارك من اجل إيصال الحقيقة الى الناس فمن غير المعقول ان يتم التفريط بحقهم في التعبير وإبداء الرأي ، كما وأدعو الجهات التنفيذية الى منح هذه الشريحة كامل استحقاقاتها التي كفلها الدستور وخصوصا المتضررون منهم وعوائل شهدائهم ، وفِي هذا الإطار أودّ التاكيد على ضرورة التقيد بالحرية المسؤولة كي لا يستغل مرضى النفوس هذه الحرية لتحقيق مآربهم الشخصية تحت عباءة الصحافة والإعلام لتصفيات سياسية هدفها التشهير والقذف والاساءة .

اخيراً

لا بد من العمل الجاد لاختيار أعضاء جدد لمفوضية حقوق الانسان في العراق خصوصا ان المفوضية السابقة قد انهت مهامها حسب القانون منذ عدة أشهر وهذا ما يضيف عبئا جديدا على تشكيلة المفوضية المرتقبة  التي ستحتاج الى مبادرات تنسجم وحالة حقوق الانسان في العراق ، وننتظر منها ان تضاعف جهدها بِهذا الإتجاه خصوصا مع ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية في المناطق السكنية في نينوى  وما يتوقع ان ينتج عنها مِن كوارث تتعلق بحياة المدنيين هناك ،،أكرر تهنئتي لمنظمة الامم المتحدة وهي تحتفل بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان واؤكد ان كنت ولا زلت جزءا من منظومة العمل في هذا المجال حريصا على تحقيقها بكل ما أوتيت من قوة والعراق بكل مؤسساته يسعى الى رفع المؤشر الإيجابي لحالة حقوق الانسان في العراق ، متمنيا لها كل التوفيق والنجاح في عملها من أجل الانسانية جمعاء وتحقيق السلام والأمن والمساواة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المكتب الاعلامي لرئيس مجلس النواب العراقي

10/12/2016


WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com