رئيس مجلس النواب خلال حضوره احتفالية حزب الدعوة الاسلامية . .مرحلة ما بعد النصر يجب ان تتضمن ثلاث مشاريع أولها إجراءات بناء الثقة وتنفيذ بنود التسوية التاريخية ومرحلة الإعمار والاستقرار وعودة النازحين
لبى رئيس مجلس النواب، الدكتور سليم الجبوري، الدعوة التي وجهت له من حزب الدعوة الاسلامية لحضور الاحتفال المركزي للذكرى 37 لاستشهاد مؤسس الحزب السيد محمد باقر الصدر واخته بنت الهدى.
وقال الرئيس الجبوري خلال كلمة له بالمناسبة إن “فكرة التغيير التي سعى العراقيون وخلال عقود من الزمن إلى أن تحدث ما زالت في طور الصيرورة ولما تكتمل بعد، فالتغيير في حقيقته يقوم على ركنين أساسيين اولهما الخلاص من الواقع السابق وثانيهما احداث واقع جديد مثالي وطموح ومغاير لما كان عليه الحال قبل الشروع بالتغيير”.
واكد رئيس مجلس النواب لابد من أخذ الاحتياطات اللازمة لمرحلة ما بعد النصر للحفاظ عليه وإدامته واستثمار نتائجه العظيمة على ان تتضمن هذه المرحلة المشاريع الثلاث واولها إجراءات بناء الثقة بين الأطراف وتنفيذ بنود التسوية التاريخية ، وثانيها مرحلة الإعمار والاستقرار وعودة النازحين الى مناطقهم والحفاظ على التنوع المجتمعي
وثالثها مرحلة الضمانات المستقبلية لحفظ منجزات التسوية والتي تتلخص بالاصلاحات الحقيقية في نظام الحكم وتغليب اللامركزية الإدارية ومنح المحافظات مساحة كافية لإدارة شؤونها لتكون ضمانا أكيدا لوحدة الوطن
واضاف سيادته ان الشعب العراقي مازال ينتظر تحقيق حلمه في تغيير ناجز قائم على نظرية الإزاحة بين واقعين ومرحلتين بشكل مكتمل وحقيقي ومقنع.
واكد ان “إن منهجية الاستقواء بالعدد أو التعويل من الخارج على المدد ، كلاهما طريقة فاشلة تؤدي الى ذات النتيجة فما لا يتحقق بالرضى لن يتحقق بالقوة ، ولنا في الدول التي خاضت تجارب الاحتراب والصراعات خير مثال ودليل فقد كانت الطاولة المستديرة هي آخر المحطات بعد أن أرهقت الحربُ الجميع وتعب الكل وخسر كل ما لديه”.
وفي ما يلي نص الكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
سيادة الامين العام لحزب الدعوة السيد نوري المالكي المحترم
السادة اصحاب المعالي والسعادة والسماحة
الذوات الاكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكر هذه الدعوة الكريمة متمنيا أن يكون هذا اللقاء وأشباهه من الاحتفالات مناسبة للحوار الوطني وإدامة للتواصل للوصول الى فهم مشترك قادر على العبور بنا من هذه المرحلة الضيقة من تاريخ العراق الى فضاء ارحب وأوسع وأكثر اتساقا وتكاملا وتعبيرا عن الفكر الجمعي ، فهم يتعدى النظرية الى التطبيق ، والحوار الى الميدان ، والأماني الى العمل الجاد والحقيقي
ومن المهم وفِي هذه المرحلة بالذات ان نؤمن بضرورة ان نختلف في وجهات النظر في التفاصيل فالاتفاق التام محال وهو خلاف الفطرة البشرية ، حيث قال تعالى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ ) ، وهذا هو سر التنوع والتعدد في فرصنا حين نواجه التحديات والظروف الصعبة .
السيدات والسادة
إن فكرة التغيير التي سعى العراقيون وخلال عقود من الزمن إلى أن تحدث ما زالت في طور الصيرورة ولما تكتمل بعد ، فالتغيير في حقيقته يقوم على ركنين أساسيين اولهما الخلاص من الواقع السابق وثانيهما احداث واقع جديد مثالي وطموح ومغاير لما كان عليه الحال قبل الشروع بالتغيير ، وقد تحقق الركن الاول وما زال الركن الثاني في طور التحقق يتعرض لظروف من المد والجزر
لاسباب موضوعية فرضت علينا احيانا وبعضها بسبب المنهجية التي اتبعت والتي لم تكن بمستوى التحديات او شابها نوع من العشوائية في التنفيذ ، وما زال الشعب العراقي ينتظر تحقيق حلمه في تغيير ناجز قائم على نظرية الإزاحة بين واقعين ومرحلتين بشكل مكتمل وحقيقي ومقنع .
الأخوة والأخوات
لقد عانى شعبنا العراقي وخلال الفترات المظلمة ظروفا عصيبة لم يمر بها شعب من قبل حيث تعرض الى أقسى أنواع الظلم والحرمان بسبب الحروب المتعاقبة والظروف الصعبة وقد نزف الكثير من دمه بسبب المراهنات التي جعلت منه وقودا لهذه الصراعات الطاحنة ، وقد أن الأوان أن يستمتع بثرواته ويعيش هانئا سعيدا دون إقتتال أوحروب أو صراعات
ويستشعر الأمن والأمان والاستقرار ، ويلمس الرخاء والتنمية والتطور الذي ينعم به العالم عموما وان يخرج من دائرة الصراعات المحمومة بين المتنافسين الدوليين ، فالأجيال تنتظر منا ان نختط لها طريق السلام والمحبة بعيدا عن رائحة البارود والدم وصوت الرصاص والانفجارات وعويل الموت والفقد ، وصرخات الأوجاع والآلام فما كان من حال سابق
يجب ان يُسدل عليه الستار وان نبدأ بمرحلة جديدة ومنهج مختلف قائم على فكرة صناعة الحياة والامل بدلا من الانتقام والثأر ، والحوار مع الاخر بدلا من فكرة إلغاءه او تصفيته او إبادته ، فلا يمكن بأي حال ان يتغلب احد على احد في هذا البلد او ان تحكم فئة او طائفة او قومية بقية الفئات والقوميات والطوائف بالطريقة التي تريد
فما لم نتفق لن نعيش بسلام ولغة الحوار وحدها القادرة على ايقاد النور لنا للوصول الى طريق السلامة والأمن .
الحاضرون الكرام
إن منهجية الاستقواء بالعدد أو التعويل من الخارج على المدد ، كلاهما طريقة فاشلة تؤدي الى ذات النتيجة فما لا يتحقق بالرضى لن يتحقق بالقوة ، ولنا في الدول التي خاضت تجارب الاحتراب والصراعات خير مثال ودليل فقد كانت الطاولة المستديرة هي آخر المحطات بعد أن أرهقت الحربُ الجميع وتعب الكل وخسر كل ما لديه
ولنا في تلك التجارب الفاشلة من الصراعات خير دليل وعظة وعبرة ، والمنطق ينتدبنا الى اختصار الزمن والعودة الى صوت العقل والحوار من اجل حفظ مستقبل البلاد وسعادة الأبناء والاحفاد ، ولذا فإننا أكدنا غير مرة ان العراق لا يصلح له ان يكون جزءا من خندق بالنيابة عن غيره بل هو قطب بذاته صانع لقراره محور تتجه اليه البوصلة واليه يعود الآخرون في الرأي والمشورة
وهذا هو موقع العراق الحقيقي وليس من الانصاف ان يعمل أي منا على جعله مجرد تابع لهذا الطرف الدولي او الإقليمي او ذاك فالعراق أكبر من هذا الموضع وأعلى من هذا الموقع .
السيدات والسادة
لابد من أخذ الاحتياطات اللازمة لمرحلة ما بعد النصر للحفاظ عليه وإدامته واستثمار نتائجه العظيمة ، وضمان عدم عودته مجددا تحت اي عنوان او ذريعة او بيئة او ظرف او تبرير ، وهو ما يتطلب منا مزيدا من الثقة ببعضنا والتواصل بيننا ، على ان تتضمن هذه المرحلة المشاريع الثلاث واولها إجراءات بناء الثقة بين الأطراف وتنفيذ بنود التسوية التاريخية
وثانيها مرحلة الإعمار والاستقرار وعودة النازحين الى مناطقهم والحفاظ على التنوع المجتمعي ، وثالثها مرحلة الضمانات المستقبلية لحفظ منجزات التسوية والتي تتلخص بالاصلاحات الحقيقية في نظام الحكم وتغليب اللامركزية الإدارية ومنح المحافظات مساحة كافية لإدارة شؤونها لتكون ضمانا أكيدا لوحدة الوطن .
الذوات الاكارم
ان انتشار لغة العنف والدم في المنطقة والتي تسببت في ان تكون ساحة صراع دولي وفعل ورد فعل ، وتصفية حسابات إقليمية راحت ضحيتها الشعوب المظلومة والمقهورة وصار الصراع مبررا لمزيد من التوتر ووسيلة للتدخل الدولي والاقليمي في شؤون بعض البلدان سياسيا وعسكريا وهو ما سيجعل من المنطقة مركز استقطاب للصراع طويل الامد
وهو امر سيعود علينا جميعا بالضرر الكبير والمستقبل المجهول لأجيالنا القادمة ، وكل ذلك يعيدنا الى مقترح التسوية الإقليمية الذي سبق ان طرحناه من قبل ودعونا له ونرى انه لا بديل له فالتشابك الجدلي والمصيري بين ملفات المنطقة جعل من مستقبلها مرتبطا ببعضه ما يفرض على عقلاء المنطقة الذهاب الى سياسة التفاوض المفتوح والصريح بين بعضها وتقديم التنزلات للوصول الى الحل الناجع والنهائي .
تمنياتي لكم بالموفقية في جهدكم ورحم الله صاحب الذكرى السيد الصدر وشقيقته الخالدة ورحم الله شهداء العراق ، وحفظه من كل أشكال الدكتاتورية فكرا ومنهجا
عاش العراق وشعبه حرا ابيا
والمجد للشهداء
والعز للوطن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المكتب الاعلامي
لرئيس مجلس النواب العراقي
9/4/2017