نص كلمة نائب رئيس البرلمان آرام شيخ محمد في الذكرى السنوية لفاجعة عمليات الأنفال:
نص كلمة نائب رئيس البرلمان آرام شيخ محمد في الذكرى السنوية لفاجعة عمليات الأنفال:
أصحاب الفخامة والسيادة والسماحة، أصحاب المعالي والسعادة… السيدات والسادة، طيب الله أوقاتكم…
بعد شكري وأمتناني العميق لحضوركم في هذا الحفل التأبيني، بداية هدفنا من أقامة هذه المناسبة أرسال عدة رسائل للشارع العراقي وجميع القوى والأطراف السياسية بأن قرار أبادة الكورد صدر من بغداد، واليوم نستذكر الضحايا ومعاناة أهاليهم من قلب بغداد أيضا وهذا دليل بأن الكورد هم شعب حي ومكون أصيل من هذا الوطن، ومن هنا نرسل رسائل السلام والمحبة لأبناء العراق.
ونتذكر اليوم وبألم عميق جرائم عمليات الأنفال السيئة الصيت، وهي أبشع أنواع الجرائم التي أرتكبت بين عامين 1987و1988ضد شعبنا في معظم المناطق من محافظالت كوردستان العراق على يد النظام البعث البائد…
لقد عمد نظام الديكتاتوري ألى أبادة جماعية منظمة وفقاً لجميع المقاييس بحق الأبرياء المواطنين المدنيين الكورد في عمليات عسكرية على عدة مراحل من قصف القرى الآمنة وهدم البيوت على ساكنيها وتخريب الأرض وأستهداف الحياة من خلال تشريد الأطفال والنساء والشيوخ دون أي ذنب فقط لأنهم من القومية الكوردية، والأنفال تعتبر من أخطر صفحات القتل الجماعي المنظم في تاريخ حكم البعث للعراق.
الحضور الكريم…
أن جرائم عمليات الأنفال قد تسبب في أستشهاد أكثر من (182000) مائة وأثنان وثمانون ألف انسان كوردي وأستخدم البعث جميع انواع الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيمياوي، والأنفال ووفقاً للمقاييس الدولية للجرائم صنفت بالجينوسايد، وإن جريمة الأنفال من الجرائم التي أستمرت ولايمكن إن تختزل كقضية واحدة بسبب أستخدام كافة أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمحرمة دوليا ومنها السموم القاتلة والقنابل العنقودية و النابالم وثم حجز العوائل تمهيداً لتصفيتها وفق خطة المقررة.
سادتي…لاننسى بأن المجتمع الدولي قد أدان بخجل قمع الشعب العراقي لما جرى من أنتهاكات خطيرة لحقوق الانسان في زمن النظام البائد وخصوصا ضد الأكراد وأصدر مجلس الأمن عام 1991 القرار رقم 688 الذي ندد فيه بقمع السكان المدنيين العراقين، بما في ذلك سكان أقليم كوردستان وطالب المجلس آنذاك بوضع حد لتلك الجرائم دون أتخاذ أية أجراءات ضد حكم البعث وذكر القرار أن نتائج القمع تهدد السلام والأمن الدوليين.
وقد أقر البرلمان السويدي قبل خمسة سنوات تقريبا أن ما حصل في كوردستان ضد الكورد من جرائم الأنفال تدخل ضمن نطاق الأبادة الجماعية للشعب الكوردي وهذا ماقرره البرلمان النرويجي أيضا، وكذلك مجلس العموم البريطاني أقر بالأجماع وبأعتراف رسمي بان ما تعرض له شعب كوردستان هو أبادة جماعية.
أن من حق الشعب الكوردي بعد تعرضه الى مثل هذه الجرائم أن يحصل على حقوقه الكاملة ومنها حقه في التعويض عما أصابه من أضرار كبيرة ومعاقبة جميع المجرمين الذين أرتكبوا وشاركوا بهذه الجرائم ضده.
أعزائي الحضور…
أن صدور القرار رقم16 لسنة2010 من المحكمة الجنائية العراقية العليا بخصوص عمليات الأنفال السيئة الصيت هي بمثابة الأرضية المناسبة لتثبيت الحقوق العادلة للشعب الكوردي في حقه، لكن الحكومات في الأعوام الماضية للأسف لم تف بألتزاماتها.
عمليات الأنفال ذكرى مؤلمة، وجريمة العصر بحق شعب كوردستان، ونقف اليوم جميعا وكلنا أمل أن نتجاوز المآسي وتلك المحن، ونتكاتف سوية لمحاربة الخطر الأكبر تنظيم داعش الأرهابي والقضاء عليه نهائيا وقلعه من جذوره ، وعلينا أن نبذل المزيد من الجهود من قبل كافة مؤسسات الدولة للمشاركة في إعادة الإعمار المناطق المحررة وعودة آمنة للنازحين، وأستعادة جميع مناطق في الموصل ونبي العراق من جديد بسواعد أبناءه المخلصون.
لذا نطالب الحكومة الأتحادية الألتزام الكامل بقرارات المحكمة الجنائية الخاصة بقضايا الأنفال من حلبجة، والكورد الفيليين، والبارزانيين وجرائم قلعة دزة وسيد صادق وتعويض الضحايا وذويهم مادياً ومعنوياً لأنصافهم وبأسرع وقت ممكن، وتأسيس مركز متخصص لترجمة الوثائق المتعلقة بجرائم الانفال وتعريفها على نطاق واسع داخليا ودوليا، وأعادة بناء القرى المهدمة وأنشاء مناطق طبيعية بالتنسيق مع حكومة أقليم كوردستان، والعمل على تحريك ملف الأنفال من قبل الحكومة العراقية في المحافل الدولية لتعريفها كعمليات أبادة جماعية ضد الكورد، كما نحتاج ألى سن قوانين رادعة والتشريعات اللازمة وتقديم ضمانات للحيلولة دون وقوع جرائم ضد الأنسانية في المستقبل وفي أي بقعة من أرض العراق.
بعد كل هذه المآسي التي أصابتنا كيف نستطيع أن نتعلم من آلام بعضنا؟ التاريخ يعيد نفسه، الأيادي التي أرتكبت جرائم الأنفال والحلبجة هي نفسها ذات العقلية التي أرتكبت جريمة سبايكر، فليعلم الجميع بأن الآلام التى وجعت قلوبكم حين أبيدوا ابنائكم بتلك الوحشية والدم البارد، نحن الكورد منذ الثمانينات القرن الماضي أصابتنا تلك المصيبة ولانعلم حتى الآن مكان رفات شهدائنا، أنظروا اليوم ماذا أصابهم نازحي الأنبار وصلاح الدين والموصل حينما تركوا ديارهم قسرا، ونحن في فترة التسيعينات ذقنا مرارة النزوح القسري وتهدمت بيوتنا وقرانا.
سادتي… أن الأمهات والأخوات المؤنفلين الناجين من ظلم البعث كانوا في مقدمة من أستقبلوا النازحين وتقاسموا معهم الخبز والدار و فتحوا لهم الأبواب، وبنفس الروح الأنسانية التى قامت بها العوائل الشريفة في الوسط وجنوب العراق الذين حموا وحافظوا على حياة الكثيرين من عمليات الأنفال خوفا من المجرمين البعثين، والبعض منهم معنا حاضر اليوم في هذه المناسبة الأليمة، والسؤال هنا؟ (ماذا نستطيع أن نتعلم من تلك المآسي).
ماذا نقدم للشرفاء وأصحاب الضمائر والمواقف الأنسانية في العراق؟ ماهو المطلوب منا اليوم كسياسين، هل يجوز أن ننسى الماضي وتلك المواقف الأنسانية، وكيف نصون حرمة دم ضحايانا، علينا أن نجتهد ونفتح صفحة جديدة ونحاول بكل السبل لحل قضايانا السياسية؟هل بالأمكان أن نختار تسوية الخارطة بدلا من خارطة لتسوية، لأن شعبنا بات يشعر اليوم بتعب كبير بسبب مشاكله السابقة وجراحه العميقة…فساد…وبطالة… الكثير من الكلام والقليل من الأفعال للأسف.
هل نستطيع نستبدل منطق القوة، بقوة المنطق و العقل، ونترك سياسة لي الأذرع والمزايدات، من أجل تجاوز كل هذا، علينا في المرحلة القادمة الأعتماد على لغة الحوار الصريح لحلحلة جميع القضايا والمشاكل، ونتجاوز مرحلة الحصول على الضمانات والأصطفافات الحزبية والمصالح الفئوية الضيقة، فبصريح العبارة يقول البعض، أما أن تكون معي أو ضدي، ونحن نقول، لو أتفقنا أو أختلفنا، فأننا لسنا أعداء لبعضنا البعض، وأنما نتنافس من أجل تقديم الأفضل، وهذا مانحتاجه أليه في قادم الأيام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
آرام شيخ محمد
نائب رئيس البرلمان
الخميس ٢٠١٧/٤/١٣