قياس الأثر التشريعي لمشروع قانون الجامعات والكليات الأهلية
دائرة البحوث /
لقد أثبتت التجربة العملية لتشريع القوانين في النظام الاتحادي في العراق ما بعد صدور دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، وخلال الدورتين الانتخابيتين التشريعيتين الأولى والثانية والسنة التشريعية الأولى من الدورة الثالثة ، بأنها قد جاءت متبعة لأساليب التجربة ، ولم تتبع عملية قياس الأثر التشريعي ، وبالتالي فإنها كانت عن نظرة سطحية غير مدركة لآليات صنع القرارات أو التشريعات قبل إصدارها، فضلاً عن تجاهل التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية المترتبة على العمل بالتشريع بعد وضعه موضع التطبيق العملي.
ولذلك وانطلاقاً من تلك الحاجة ، ولتطبيق تجربة ( قياس أثر التشريعات ) في مجلس النواب ، عملنا في هذا التقرير الوقوف على محددات قياس الأثر التشريعي لمشروع ( قانون الجامعات والكليات الأهلية ) المرسل من الحكومة إلى مجلس النواب.
ولاشك أن تجربة التعليم الجامعي الأهلي تعد تجربة فتية في تاريخ العراق ومحاولة طموحة لتحقيق الأهداف المرجوة إذا ماتوفرت جميع الوسائل الكفيلة بانجاحها ، أو فشلها إذا ما فقدت تلك التجربة مقومات النجاح، فهي ليست بتجربة مختبرية لان أي فشل يعتريها يكون من الصعب إعادة تقويمها مما سيؤثر في الاجيال،ويترك آثار وخيمة على مستقبل أي أمة أو بلد .
وظاهرة الجامعات والكليات والمعاهد الأهلية بدأت تتنامى في العالم بشكل كبير منذ منتصف القرن المنصرم بشكل عام ، وبدأت بوادره الأولى في العراق منذ الثمانينيات الذي تمخض عنه صدور قانون الجامعات والكليات الاهلية رقم 13 لسنة 1996 ، وقد كان للتحولات الجذرية والعميقة المتجلية في العراقي ما بعد التغيير عام 2003 وتنامي ظاهرة االجامعات والكليات والمعاهد الأهلية وفروع الجامعات الاجنبية الرصينة المستثمرة في العراق بشكل عام في الوسط العلمي العراقي واتساع حجمها وتأثيراتها على الأسرة التعليمية العراقية مع غياب البعد المؤسسي للدولة في معالجة هذه الظاهرة، مما تولد عن ذلك أعداد كبيرة من تلك الجامعات والكليات والمعاهد مع أزدياد عدد الطلبة المنضمين إليها.
لذا بحثنا في هذه الظاهرة، وعرفنا المشكلة الظاهرة التي وضع التشريع من أجل معالجتها وأعراضها آخذين بنظر الإعتبار عدم الخلط بين العرض والمرض، وماهية الجهات أو الأطراف المتأثرة بهذا التشريع ، وعرضنا نبذة عن هذا المشروع متضمنة المصالح العامة المستهدفة بالتشريع وتوازن الأعباء مع عوائد التطبيق وتوقيته وآليات إنفاذه، ثم وضحنا أبرز الأحكام الواردة في مشروع القانون من الأوامر والجزاءات وآليات الإنفاذ، وشخصنا الأطراف المعنية بالتشريع ، ومدى وضوح المشروع لهم وإدراكهم لأبعاد العملية وتأثيراتها اللاحقة والمحتملة أو المصاحبة لتطبيق القانون في حالة إصداره ومعرفة النتائج المتوقعة منه ومناقشة البدائل المتاحة من خلال الإحاطة الشاملة والدقيقة كون القانون وليد الحاجة ، ولا يمكن ان يأخذ سياقه في التشريع دون المرور بقنوات معرفية ذات تماس بالنتائج.
ولغرض الوقوف على نتائج حقيقية قمنا بإجراء عدة مقابلات شخصية للأطراف المعنية بالتشريع وأصحاب المصلحة من اللجان النيابية المعنية والوزارات المختصة كوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومنظمات المجتمع المدني والجامعات والكليات وأساتذة الجامعات والمعنيين بهذا الشأن، وقد توصلنا إلى خلاصة هذا التقرير بعد بلورة البدائل إلى بديلين ، أحدهما تشريعي والآخر إجرائي مع الأخذ بالنظر درجة تحقيق الأهداف وعلاقتها بالسياسات العامة ومدى تحقق الموارد المتاحة والآثار الجانبية أو النتائج العكسية لهذا المشروع.